{ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }( الزمر 3)
خلق الله عز وجل البشرية لتوحيده وعبادته، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البيِّنة:5)، ثم مرت على البشر حقبة من الزمن ضلّوا عن التوحيد وحادوا عنه، كما روى مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يومٍ في خُطبته: (ألا إنَّ ربي أمرني أن أُعلِّمكم ما جهلتم مما علَّمني يومي هذا، كل مالٍ نحلتُه عبداً حلال، وإني خلقتُ عبادي حنفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمَتْ عليهم ما أحلَلْتُ لهم، وأمَرَتْهم أنْ يُشركوا بي ما لم أُنزِّلْ به سُلطانا).
وبداية الشرك أتت من الغلو في الصالحين وإنزالهم فوق منزلتهم، والاعتقاد بأنهم يعلمون الغيب، وأن الخير والنفع بيدهم، ويأتي عن طريقهم وبواسطتهم، ولذلك قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (نوح:23): "هي أسماء رجال صالحين من قوم نوح، عليه السلام، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسِخَ العلم عُبِدَت، وكذا روي عن عكرمة، والضحاك، وقتادة، وابن إسحاق، نحو هذا.. وقال ابن جرير: كانوا قوماً صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دبَّ إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يُسقون المطر، فعبدوهم"
(مقتبس)
..........................
والذي يشاهد حال الأمة اليوم ، والأهمية التي تحظى بها الأضرحة ، والقرابين التي تذبح هنا وهناك ، داخلة ضمن " ما أُهِلَّ لغير الله به " ، لا فرق في مرتاديها بين الأمي والممدرس والمثقف والجامعي ، إذ أن عمى البصيرة لا ينحصر في فئة معينة ؛ قد يتبادر إلى الأذهان سؤال :" أوَ نشبه قوم نوح أو قوم عاد ، ونحن أمة إقرأ التي نهاها نبيها صلى الله عليه وسلم بصريح قوله :" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "..
ولم ينج من القبورية البواحة فئة كبيرة من الشعراء قديما وحديثا ، وفي كل الأقطار العربية والعجمية من المنتمين لهذه الأمة . ولم يُسثن أغلب شعراء الملحون من هذا الانزلاق والإنحراف العقدي ، فقد نظموا خصوصا في المديح ، وفي الأولياء مافيه من الغلو من كلام تهتز منه الجبال ، وتفننوا في الاستغاثة بالموتى وطلبوا منهم ما لا يُطلب إلا من الله تعالى . والأمثلة أكثر من أن تُحصى عند فطاحلهم فضلا عن أصاغرهم ، ولا تخفى شطحاتحهم عمّن له أدنى دراية بماهية التوحيد ......
حتى إن هذا النوع من القصائد أقل شاعرية وبلاغة من قصائد الأغراض الأخرى . . ولنا إن شاء الله عودة للموضوع بنماذج من هذا النوع .
فلا نحن عملنا لدنيانا بإنشاء مراكز البحث العلمي حتى يمكننا الوصول على الاقل إلى الاكتفاء الذاتي وحتى لا نحتاج إلى فتات الدول الكبرى ( وليست كبرى إنما نحن من صغرنا ) ، ولا نحن عملنا لآخرتنا ......
فلا ناهي ولا منتهي
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.